نموذج Be.FM: قفزة نوعية في فهم وتوقع السلوك البشري باستخدام الذكاء الاصطناعي

2025-07-22 12:45 AM

تواجه تقنيات الذكاء الاصطناعي تحديًا كبيرًا يتمثل في فهم السلوك البشري والتنبؤ به، وهو أمر أساسي في مجالات كثيرة مثل السيارات الذاتية القيادة التي تحاول تحديد ما إذا كان أحد المشاة سيعبر الطريق أم لا، أو خوارزمية استثمارية تحاول توقع رد فعل المستثمرين قبل اتخاذ قرار تداول. لم تُصمم نماذج الذكاء الاصطناعي المتوفرة حاليًا مثل GPT وLlama لهذا الغرض. لذلك بدأ باحثون بتطوير نموذج مصمم خصوصًا للتنبؤ بالسلوك البشري لاستخدامه في مجالات تتطلب تحليل السلوك البشري لاتخاذ قرارات مهمة. طوّر باحثون من جامعة ميشيغان وجامعة ستانفورد وشركة MobLab نموذجًا جديدًا أطلقوا عليه اسم Be.FM (اختصارًا لـ Behavioral Foundation Model)، وهو من أوائل نماذج الذكاء الاصطناعي المصممة خصيصًا لفهم السلوك البشري وتحليله ومحاكاته. بعكس النماذج التي تعتمد على نصوص عامة مثل ويكيبيديا، يعتمد Be.FM على بيانات سلوكية متخصصة مستمدة من تجارب علمية واستبيانات ودراسات أكاديمية، تضم أكثر من 68 ألف مشارك في تجارب علمية وقرابة 20 ألف مستجيب لاستبيانات، بالإضافة إلى آلاف الدراسات المنشورة. توضح الباحثة الرئيسية في الدراسة Yutong Xie أن النموذج لا يعتمد على معلومات عامة، بل على قاعدة بيانات متخصصة تساعده في فهم أسباب تصرف الناس بطريقة معينة، مما يمنحه قدرة أعلى على قراءة الإشارات الاجتماعية المعقدة وفهم السلوكيات النادرة، وهي جوانب تعاني منها النماذج العامة. خلال اختبار Be.FM ضمن دراسة علمية، أظهر النموذج قدرات ناشئة لم يُدرّب عليها مباشرة، في أربع مجالات رئيسية: أولاً، التنبؤ بالسلوك البشري في مواقف الحياة الواقعية. على سبيل المثال، في سيناريو يعرض فيه مصرفي خيارات استثمارية، يمكن للنموذج التنبؤ بالخيار الذي سيتخذه أغلب الناس وقياس مدى استعدادهم للتعاون أو المخاطرة. هذا التنبؤ مفيد في تحليل السياسات العامة واختبار المنتجات ومحاكاة سلوك السوق. ثانيًا، استنتاج السمات النفسية والديموغرافية. يمكن للنموذج استنتاج ما إذا كان الشخص اجتماعيًا أو متسامحًا بناءً على عمره أو جنسه، وحتى تقدير عمر الشخص استنادًا إلى شخصيته. وهذا يتيح تصميم منتجات موجهة لفئات بعينها وتقديم تدخلات فعالة. ثالثًا، فهم تأثير العوامل السياقية والظروف المحيطة. عندما يتغير سلوك المستخدمين لتطبيق ما بين شهري يناير وفبراير، يستطيع Be.FM تحديد ما إذا كان السبب تحديثًا في التصميم أو تغيرًا موسميًا أو نمطًا في العرض. من خلال تحليل الأنماط، يقدم النموذج رؤى دقيقة تساعد الباحثين والمصممين وصناع القرار. رابعًا، دعم البحث العلمي وتنظيم المعرفة السلوكية. بفضل بنيته المعتمدة على النماذج اللغوية الكبيرة، يستطيع النموذج تلخيص دراسات علمية، اقتراح أفكار بحثية جديدة، ومحاكاة سيناريوهات معقدة في الاقتصاد السلوكي قبل تنفيذها ميدانيًا. تشير الاختبارات إلى أن Be.FM يتفوق على نماذج مثل GPT-4o وLlama في محاكاة السلوك البشري والتنبؤ بالسمات الشخصية والمواقف الاجتماعية، رغم وجود حدود واضحة لمجالات لم يُختبر فيها بعد، مثل التنبؤ بنتائج الانتخابات أو الأحداث السياسية. يقول Qiaozhu Mei، أستاذ علوم المعلومات في جامعة ميشيغان والمؤلف المشارك في الدراسة، إن الهدف المستقبلي هو توسيع نطاق استخدام Be.FM ليشمل مجالات مثل الصحة والتعليم والسياسات، ليصبح أداة مركزية في أي مجال يحتاج لفهم دقيق لقرارات البشر.