IBM تعلن عن استثمار تاريخي بقيمة 150 مليار دولار في التصنيع الأمريكي: نقلة نوعية نحو مستقبل الحوسبة والذكاء الاصطناعي

في خطوة استثنائية تعكس طموحات كبرى وتوجهًا واضحًا نحو استعادة ريادة التصنيع والتكنولوجيا داخل الولايات المتحدة، أعلنت شركة IBM عن نيتها استثمار 150 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة في قطاع التصنيع الأمريكي. هذا الاستثمار يُعد الأضخم في تاريخ الشركة، ويأتي في لحظة حساسة يشهد فيها العالم سباقًا محمومًا نحو السيطرة على مفاتيح المستقبل الرقمي، من الذكاء الاصطناعي إلى الحوسبة الكمية. اللافت في هذا الإعلان أن IBM لا تسعى فقط لتعزيز حضورها الصناعي، بل تضع نصب أعينها تحولات استراتيجية تمتد من تطوير البنية التحتية إلى إعادة تعريف قدرات الحوسبة على مستوى العالم. أكثر من 30 مليار دولار من هذا الاستثمار ستُخصص مباشرة للبحث والتطوير، وبالأخص في مجالات الحوسبة الكمية، الحوسبة عالية الأداء، والتطبيقات المتقدمة للذكاء الاصطناعي. وهو ما يفتح الباب أمام ثورة تكنولوجية قد تغيّر قواعد اللعبة في قطاعات مثل الأمن السيبراني، الطب، الطيران، والخدمات المصرفية. يمتد هذا المشروع إلى تحديث منشآت التصنيع التابعة لـ IBM في عدد من الولايات الأمريكية، على رأسها نيويورك وتكساس وأريزونا. الهدف من ذلك هو إنتاج رقائق إلكترونية متطورة محليًا، وتقليل الاعتماد على سلاسل التوريد العالمية، خاصة تلك القادمة من شرق آسيا. هذا التوجه لا يعكس فقط رغبة في السيادة التكنولوجية، بل يأتي أيضًا استجابة مباشرة للتحديات الجيوسياسية المتزايدة، والنقص العالمي الحاد في أشباه الموصلات الذي كشف عن هشاشة النظام الصناعي العالمي. يرافق هذا التحرك اهتمام بالغ بالأمن الرقمي، حيث ترى IBM أن تعزيز التصنيع المحلي لأنظمتها التقنية المتقدمة سيوفر درجة أمان أعلى للعملاء، خاصة من القطاعات الحكومية والدفاعية. فمع تعقّد الهجمات السيبرانية وتطور أساليب الاختراق، أصبح من الضروري أن تكون المنظومة التكنولوجية تحت سيطرة محلية محكمة، ومنشأة في بيئة موثوقة. هذا الاستثمار لا يتعلق فقط بالتقنية، بل بالاقتصاد أيضًا. إذ يُتوقع أن يوفر المشروع آلاف الوظائف في مجالات الهندسة والتصنيع المتقدم والبحث العلمي، مما يدعم الاقتصاد المحلي ويعزز من مكانة IBM كشركة تكنولوجية ذات أثر اقتصادي مباشر. كما يعزز هذا الاستثمار من مكانة الولايات المتحدة كمركز عالمي لتطوير التكنولوجيا العميقة، ويمنحها الأفضلية في سباق عالمي لا مكان فيه للضعفاء. بكل وضوح، IBM لا تستثمر في مصانع أو رقائق أو برمجيات فقط، بل تستثمر في مستقبلها، وفي مستقبل التكنولوجيا الأمريكية والعالمية على حد سواء. وهذا الإعلان قد يكون بمثابة إشارة بداية لحقبة جديدة تعود فيها الشركات الأمريكية الكبرى إلى قيادة الابتكار من الداخل، بعد سنوات من التوسع في الخارج.