بكين تُلزم مراكز البيانات بالاعتماد على شرائح الذكاء الاصطناعي المحلية

في خطوة استراتيجية تعكس تسارع مساعي الصين نحو فك الارتباط بالتكنولوجيا الأميركية، فرضت بكين على مراكز البيانات التابعة لها استخدام أكثر من 50% من شرائح الذكاء الاصطناعي المُصنّعة محليًا، في محاولة واضحة لتقليل الاعتماد على شركة إنفيديا الرائدة في هذا المجال. القرار الذي كان في البداية مجرد توجيهات محلية في مدينة شنغهاي عام 2023، تحوّل الآن إلى إلزام وطني يشمل جميع مراكز الحوسبة العامة في أنحاء البلاد. وبحسب ما أورده تقرير نشره موقع "SCMP"، تهدف هذه الخطة إلى تعزيز صناعة أشباه الموصلات الصينية وتوسيع القدرات الحاسوبية الضرورية لتشغيل تطبيقات الذكاء الاصطناعي، بدعم مباشر من هيئات حكومية بارزة مثل اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح ووزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات. بالتوازي مع هذا القرار، تشهد الصين طفرة في بناء ما يُعرف بـ "مراكز الحوسبة الذكية"، حيث أُعلن عن أكثر من 500 مشروع جديد خلال عامي 2023 و2024 في مناطق رئيسية مثل منغوليا الداخلية وقوانغدونغ. وتأتي هذه الخطوات في وقت تفرض فيه الولايات المتحدة قيودًا صارمة على تصدير الشرائح المتقدمة مثل H100 وH800 من إنفيديا إلى الصين، والتي تُعتبر أساسية في تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي. حتى الرقاقة H20، التي سمحت واشنطن ببيعها مؤخرًا، أثارت مخاوف السلطات الصينية بشأن المخاطر الأمنية المرتبطة بها. ورغم أن الشرائح الصينية لا تزال أقل قوة مقارنةً بشرائح إنفيديا في مجال تدريب النماذج، فإن مطورين صينيين وصفوها بأنها "قابلة للاستخدام" في عمليات الاستدلال الخاصة بالنماذج المُدرّبة مسبقًا. وتظل شركة iFlytek، الخاضعة للعقوبات الأميركية، الشركة الوحيدة التي أعلنت صراحةً اعتمادها على شرائح هواوي في تدريب نماذجها. في المقابل، طورت شركات صينية مثل SiliconFlow حلولًا مبتكرة لدمج شرائح Ascend من هواوي ضمن بنية مراكز البيانات، ونجحت في تحقيق كفاءة تشغيل تفوقت في بعض الاختبارات على شرائح إنفيديا H800. لكن هذا التحول ليس خاليًا من التحديات، إذ تواجه مراكز البيانات الصينية صعوبات كبيرة في التكيف مع المزج بين الشرائح الأجنبية والمحلية بسبب الفوارق بين الأنظمة البرمجية مثل CUDA الخاصة بإنفيديا وCANN التابعة لهواوي. ويتطلب ذلك إعادة تهيئة النماذج وتطوير حلول تقنية جديدة لضمان تشغيلها بكفاءة. مع ذلك، يبدو أن الصين ماضية بحزم نحو بناء اكتفاء ذاتي في صناعة الرقائق، حتى لو تطلب الأمر سنوات من الاستثمار والابتكار لمجاراة عمالقة أشباه الموصلات العالميين.