ثورة اللمس في عالم الروبوتات: ابتكار إماراتي يمهّد لعصر الأتمتة الذكية الشاملة

2025-07-06 12:19 AM

في ظل التحولات المتسارعة في عالم الذكاء الاصطناعي والتقنيات الصناعية، يأتي إنجاز جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي ليشكل علامة فارقة في طريق تطوير الروبوتات القادرة على تنفيذ مهام دقيقة ومعقدة، لم تكن في السابق ممكنة دون تدخل بشري. الإنجاز الذي يحمل اسم "المهارات اللمسية" Tactile Skills لا يُعد مجرد تحديث تقني، بل يمثل نقلة نوعية تعيد تعريف العلاقة بين الذكاء الاصطناعي والحواس الفيزيائية. تحديات عديدة كانت تواجه الروبوتات التقليدية، أبرزها صعوبة التعامل مع التفاصيل الدقيقة، مثل إدخال المكونات الصغيرة في منافذ محددة أو التعامل مع مواد مرنة كالكابلات أو البلاستيك، وهي مهام تبدو بسيطة للبشر لكنها كانت تمثل معضلة تقنية كبرى للآلات. ومن هنا جاءت فكرة "المهارات اللمسية" كإطار عمل علمي مبتكر يتيح للروبوتات اكتساب حسّ لمسي شبه بشري، مع القدرة على التعلم والتكيف بسرعة فائقة. الفريق البحثي الذي طور هذا النظام المتقدم، بقيادة البروفيسور سامي حدادين، استلهم المفهوم من الطريقة التي يتعلم بها البشر المهارات اليدوية عبر التكرار والتغذية الراجعة، وطبّقها على وحدات روبوتية مزوّدة بأنظمة تحكم حساسة قابلة لإعادة التهيئة بسهولة. المفارقة أن هذا النظام لا يعتمد على قواعد بيانات ضخمة أو ملايين التكرارات، بل يدمج المعرفة البشرية التخصصية داخل وحدة تحكم ذكية، مما يُسرّع عملية التعلم ويُقلل استهلاك الطاقة بنسبة كبيرة مقارنة بالأساليب القديمة. ومن خلال اختبارات مكثفة شملت أكثر من 28 سيناريو صناعي حقيقي، تمكنت الروبوتات من تنفيذ المهام بكفاءة فاقت التوقعات، مع نسبة نجاح بلغت 100% حتى في الحالات التي طرأت فيها تغييرات مفاجئة على أوضاع الأجسام أو ظروف البيئة المحيطة. من أبرز هذه الاختبارات، نجاح الروبوت في تجميع وحدة صناعية معقدة تُستخدم فعليًا في مصانع تعبئة الزجاجات، ما يؤكد جاهزية الإطار الجديد للانتقال من المعامل إلى خطوط الإنتاج الفعلية. الميزة الأهم في هذا الابتكار تكمن في قابليته للتوسع، إذ يمكن تدريب الروبوتات بسهولة على مهام جديدة دون الحاجة لخبرة تقنية عميقة من المشغل، مما يفتح المجال أمام استخدام هذه التكنولوجيا في المصانع الصغيرة والمتوسطة، بل وحتى في الاستخدامات المنزلية مستقبلاً. الأثر المستقبلي لهذا الإنجاز يتجاوز حدود المختبرات، إذ أنه يُمهّد الطريق لثورة في الأتمتة الذكية، يمكن من خلالها الاستغناء عن كثير من التدخلات البشرية في المهام الخطرة أو المملة أو التي تتطلب دقة متناهية. وهذا بدوره سيؤثر في الاقتصاد الصناعي، من حيث تقليل تكاليف التشغيل، وتسريع الإنتاج، وتحسين جودة النتائج، دون المساس بعنصر الأمان أو الكفاءة. ويُتوقع أن تكون هذه التكنولوجيا من بين أكثر الأدوات تأثيرًا في مستقبل الروبوتات، لا سيما مع توجه الشركات والمؤسسات الكبرى إلى تبني نماذج الذكاء الاصطناعي المادي، والتي تجمع بين التحليل الفوري، والاستشعار الذكي، والتنفيذ الفعّال.